بسم الله الرحمن الرحيم
http://sub3.rofof.com/img3/04byzjq2.jpg
* قال تعالى: ((وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرةً)).
التفسير اللغوي:قال ابن منظور في لسان العرب:آية:الآية:العلامة،وقال ابن حمزة،الآية من القرآن كأنها العلامة التي يُفضى منها إلى غيرها.
فهم المفسرين:لقد استنبط الصحابة الكرام منذ أربعة عشر قرناً أن كوكب القمر كان يشع نوراً ثم أذهب الله ضوءه وأزاله،وذلك من خلال تفسيرهم لقوله تعالى في سورة الإسراء: ((وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النَّهار مبصرةً)).
فقد روى الإمام ابن كثير في تفسيره أنَّ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال في تأويله للآية: ((كان القمر يضيء كما تضيء الشمس،وهو آية الليل،فمحي،فالسواد الذي في القمر أثر ذلك المحو)).
التفسير العلمي:تشير الآية القرآنية السابقة إلى حقيقة علمية لم تظهر إلاَّ في القرن العشرين،وهي أن القمر كان في القديم كوكباً مشتعلاً ثم أطفأ الله نوره،ودلالة القرآن على هذا واضحة كما قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:كان القمر يضيء كما تضيء الشمس،وهو آية الليل،فمحي،فالسواد الذي في القمر أثر ذلك المحو.فهذا القول هو لصحابي جليل استنبطه من القرآن منذ ألف وأربعمئة سنة،وأما قول علماء الفلك في هذا الموضوع: هو أنَّ علم الفلك قد كشف أخيراً أنَّ القمر كان مشتعلاً ثم محي ضوؤه وانطفأ. فقد أظهرت المراصد المتطورة والأقمار الاصطناعية الأولى صوراً تفصيلية للقمر،وتبين من خلالها وجود فوهات لبراكين ومرتفعات وأحواض منخفضة. ولم يتيسر للعلماء معرفة طبيعة القمر تماماً حتى وطئ رائد الفضاء الأمريكي(نيل آرمسترونغ)سطحه عام(1969م). ثم بواسطة وسائل النظر الفلكية الدقيقة،والدراسات الجيولوجية على سطحه،وبعد أن تم تحليل تربته استطاع علماء الفضاء القول كما جاء في وكالة الفضاء الأمريكية(NASA) : بأنَّ القمر قد تشكل منذ(4,6)مليون سنة وخلال تشكله تعرض لاصطدامات كبيرة وهائلة مع الشهب والنيازك،وبفعل درجات الحرارة الهائلة تمَّ انصهارُُ حادُّ في طبقاته ممَّا أدى إلى تشكيل الأحواض التي تدعى (ماريا)وقمم وفوهات تدعى(كرايترز)والتي قامت بدورها بإطلاق الحمم البركانية الهائلة فملأت أحواضه في تلك الفترة.ثم برد القمر،فتوقفت براكينه وانطفأت حممه،وبذلك انطفأ القمر وطمس بعد أن كان مشتعلاً.
وإذا عدنا إلى الآية القرآنية فإننا نلاحظ استعمال لفظ((محونا))والمحو عند اللغويين هو الطمس والإزالة،والمعنى أنَّ الله تعالى أزال وطمس ضوء القمر،والمحو المقصود ليس إزالة كوكب القمر،فهو لا يزال موجوداً ولكن إزالة نوره وضوئه،وهذا واضح من العبارة القرآنية ((آية الليل))وهي القمر و((آية النَّهار))وهي الشمس.والطمس يكون للنور ولذلك قال تعالى: ((وجعلنا آية النَّهار مبصرةً))فجاء بكلمة مبصرة وهي وجه المقارنة لتدلَّ على أنَّ المقارنة هي بين نور آية الليل(القمر)ونور آية النهار(الشمس)فالأول انطفأ والأخرى بقيت مضيئة نبصر من خلالها. فيا ترى من بلَّغ محمداًصلى الله عليه و سلم هذه الحقيقة والتي تحتاج للمركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية والتحاليل الجيولوجية والتي لم يمض على اكتشافها سوى عشرات السنين فسبحان العليم الحكيم الذي قال: ((ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم)).
وجه الإعجاز: وجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو إشارتها إلى أنَّ القمر كان له نور وضوء ثمَّ انمحى وطمس فصار مظلماً،فقال تعالى: ((فمحونا آية الليل))أي القمر،وهو ما كشفت عنه صور الأقمار الصناعية والدراسات والتحاليل الجيولوجية لسطح القمر في القرن العشرين.والله تعالى أعلم.
المصدر : موقع الدكتور محمد راتب النابلسي