التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
ظروف اقتصادية محيّرة و المعادن الثمينة متباينة الأداء من الاقتصاد الدولي، تارة نرى الاقتصاد الأمريكي يظهر لنا استمرارية في التحسّن و التعافي الاقتصادي و أخرى نرى أوروبا تعاني أزمة الديون السيادية و التي قد تسبب ضعفاً عاماً في الاقتصاد و ربما تؤثر على الاقتصاد الدولي. من آسيا نرى الصين تحقق نمواً جيداً لكن سياسات الحكومة الصينية قد تضعف النمو في الاقتصاد. من اليابان نرى مخرجات المصانع تحقق نمواً أقل من ما هو متوقع كما ظهر من بيانات هذا اليوم فيما الهند تشهد تسارعاً في النمو الاقتصادي ليحقق الاقتصاد نمواً مقداره 8.6%.
التضخم ما زال تحت السيطرة، بل نشهد ضغوط انكماش التضخم في اليابان فيما العديد من الدول تشهد استقراراً في مستوى التضخم ما دون المستويات المرغوب بها. لكن في نفس الوقت نرى بأن توقعات التضخم المستقبلية تشير إلى احتمال ارتفاعه بشكل واضح عندما نرى علامات استقرار في الاقتصاد الدولي. من ناحية الاستهلاك، فهو يتحسّن لكن ليس كما يرغب الكثير من المتابعين للاقتصاد.
هذه الظروف كلها سببت اختلاطاً في الآراء في الاقتصاد الدولي و مستقبله و انعكست على أسواق الأسهم و السلع خلال الفترة الماضية لتشهد انخفاضاً واضحاً في أسعارها قبل أن تعود للارتفاع قليلاً خلال الأسبوع الماضي و هذا اليوم بشكل إجمالي. و بالتأكيد نرى بأن ذلك كان له دور كبير في التذبذب الشديد الذي شهدته المعادن الثمينة.
بدأت تداولات هذا الأسبوع ببعض الميل الهابط نحو الأسفل بالنسبة للذهب لكن شهد كل من سعر الفضة و البلاتين ارتفاعاً خلال تداولات هذا اليوم. يتداول سعر الذهب هذا اليوم و في تمام الساعة 02:32 صباحاً بتوقيت نيويورك عند مستوى 1212.20 دولار للأونصة الواحدة بانخفاض مقداره 0.17% من إغلاق نيويورك يوم الجمعة الماضي. في نفس الوقت نرى بأن البلاتين يتداول هذا اليوم بارتفاع مقداره 1.10% إثر بيانات النمو في الهند و التي أعطت تفاؤلاً في الاقتصاد الآسيوي. من جهة أخرى دفعت قوى المضاربة في سعر الفضة نحو الارتفاع نحو الأعلى مما جعل سعر الفضة هذا اليوم يتداول بارتفاع مقداره 0.27% و يتداول سعر الفضة في هذه اللحظات عند مستوى 18.42 دولار للأونصة الواحدة.
يتداول سعر برميل النفط هذا اليوم ببعض الإيجابية بعد الانخفاض الذي شهده خلال تداولات الأسبوع الماضي، من جهة أخرى نرى بأن مؤشر الدولار الأمريكي يتداول هذا اليوم ببعض الانخفاض و هذا ما دعم الارتفاع الذي يشهده كل من سعر الفضة و البلاتين. بالنسبة للذهب، نرى بأن تأثيرات سعر صرف الدولار الأمريكي و تأثير تغيّر سعر برميل النفط لم يعودا ليلعبا دوراً كبيراً في تأثيرات سعر الذهب. الذهب يتأثر في الوقت الراهن بشكل أكبر في الثقة المتواجدة في الأسواق المالية و توقعات الاقتصاد الدولي. اليوم، بيانات النمو الكبير في الهند سببت اتجاهاً نحو السلع و الأسهم الآسيوية و شهدنا ارتفاعاً في مؤشر نيكاي الياباني و كذلك في مؤشر ستريتس تايمز فيما انخفض مؤشر هانج سينج إثر توقعات انخفاض الاستهلاك الصيني.
بشكل عام، ما زال الاتجاه الصاعد متاحاً للمعادن الثمينة، الذهب منها خصوصاً. لكن في نفس الوقت نرى بأن تذبذب الثقة في الأسواق المالية قد يكون سبباً لتذبذب الذهب أيضاً. هذا الأسبوع نحن في انتظار حفنة من البيانات الاقتصادية المهمة جداً تتركز في الثقة الأوروبية و بيانات الناتج المحلي الإجمالي لكندا إلى جانب قرار البنك المركزي الأسترالي للفائدة و الناتج المحلي الإجمالي لأستراليا و كذلك لسويسرا و غيرها من البيانات الاقتصادية لكن أهمها بيانات الوظائف الأمريكية و مستويات البطالة يوم الجمعة القادم. هذا ما قد يسبب تذبذباً هائلاً في أسعار المعادن الثمينة هذا الأسبوع و ينعكس كذلك على الذهب خصوصاً.
بشكل عام، لا نستبعد حصول تصحيحات هابطة و تذبذب هائل في سعر الذهب. لكن الاتجاه الإجمالي ما زال صاعداً إذ أن كل ما يحصل في الاقتصاد الدولي حتى هذه اللحظة يدعم استمرارية ارتفاع سعر الذهب نحو الأعلى خصوصاً أزمة الديون الأوروبية و التي تستحث موجات شرائية للذهب على شكل استثمار بديل و ملاذ آمن.